المارينز الأمريكى.. أبرز أسلحة تنفيذ المخطط
خريطة «بيترز» ليست الوحيدة ولا الأولى للشرق الأوسط الجديد، فهناك خريطة أكثر شهرة للمؤرخ الأمريكى «برنارد لويس»، تتداولها مراكز الأبحاث وصنع القرار فى الغرب، منذ عام 1983. بدأ لويس -وهو مفكر أمريكى يهودى من أصول بريطانية- مشروعه فى منتصف السبعينات، وكانت خطته «المتطرفة» أقرب إلى اتفاقية «سايكس - بيكو» جديدة، تمسح كل الحدود السياسية الحالية بـ«أستيكة»، وتعيد رسمها، لتضم نحو 52 دويلة صغيرة، على أساس طائفى وعرقى، تدور جميعها فى فلك دولة قائدة واحدة مركزية وهى «إسرائيل». ولويس -الذى ولد فى عام 1916 أى نفس العام الذى شهد توقيع اتفاقية «سايكس بيكو» وحصل على الجنسية الأمريكية فى عام 1982- هو المنظّر الذى ردد الرئيس الإسرائيلى شيمون بيرز، فى التسعينات كلماته، عندما قال: «لقد جرب العرب قيادة مصر للمنطقة لمدة نصف قرن، فليجربوا قيادة إسرائيل إذن». الفكرة المركزية فى خريطة برنارد لويس هى مركزية الدولة اليهودية، ودور أكبر لتركيا، ومحو مفهوم «القومية العربية» وإلغاء أى دور يذكر للعرب فى منطقة الشرق الأوسط الجديد، الذى وصلت حدوده الجغرافية إلى الجمهوريات الإسلامية المستقلة عن الاتحاد السوفيتى.
أهم ملامح خريطة «لويس» إنشاء دولة البربر ودولة النوبة ودولة البوليساريو ودولة الأمازيج، إلى جانب الدول القديمة (مصر والمغرب وتونس والجزائر والسودان وليبيا وموريتانيا)، التى ستخسر أجزاء واسعة من أراضيها لصالح الدول الجديدة، ودعا إلى تقسيم ليبيا إلى ثلاث دول، هى دولة شرق ليبيا ودولة الجنوب الليبى ودولة الشمال الغربى، وتقسيم السودان إلى أربع دول، وهى دولة النوبة المتكاملة مع دولة النوبة فى الأراضى المصرية وعاصمتها أسوان، ودولة الشمال السودانى الإسلامى ودولة الجنوب السودانى المسيحى، ودولة دارفور غرب السودان. واقترح «لويس» تقسيم مصر لأربع دويلات على النحو التالى: دويلة تضم سيناء وشرق الدلتا تحت النفوذ اليهودى، ودويلة كبيرة للأقباط عاصمتها الإسكندرية. هذه الدولة تمتد من جنوب بنى سويف حتى جنوب أسيوط، وتتسع غرباً لتضم الفيوم وتمتد فى خط صحراوى عبر وادى النطرون حتى الإسكندرية، وستتسع لتضم أيضاً جزءاً من المنطقة الساحلية الممتدة حتى مرسى مطروح. ودولة النوبة المتكاملة وتضم الأراضى الشمالية السودانية وستكون عاصمتها أسوان. وتضم الجزء الجنوبى الممتد من صعيد مصر حتى شمال السودان، باسم «بلاد النوبة» بمنطقة الصحراء الكبرى، لتلتحم مع دولة البربر، التى سوف تمتد من جنوب المغرب حتى البحر الأحمر. وأخيراً دويلة «مصر الإسلامية» وستكون عاصمتها القاهرة، وتشمل الجزء المتبقى من مصر الحالية. وتمضى خطة «لويس» لمحو كل الكيانات السياسية فى شبه الجزيرة العربية، وتقسيم شبه الجزيرة ومنطقة الخليج إلى ثلاث دول فقط، هى: دولة الإحساء الشيعية (تضم الكويت والإمارات وقطر وعُمان والبحرين)، ودولتان سنيتان، الأولى فى «نجد» والثانية فى الحجاز، تضم اليمن الحالى بشطريه. ومثل كل التصورات الغربية، يقترح مشروع «لويس» أيضاً تقسيم العراق إلى 3 دويلات، ويفضل تقسيم سوريا لأربع دويلات (دولة علوية على امتداد الشاطئ، ودولة سنية فى حلب، وأخرى سنية حول دمشق، ورابعة للدروز فى الجولان وجزء من لبنان وشرق الأردن)، على أن يتم تقسيم لبنان لثمانية كانتونات، وتحويل الأردن إلى دولة فلسطينية، ما يحل -كما يتصور- مشكلة صراع العرب مع إسرائيل.
تصور «برنارد لويس» الذى تبناه المحافظون الجدد وشجعهم على غزو العراق وأفغانستان، يعود -كما لاحظ المفكر المصرى الدكتور عبدالوهاب المسيرى- بالمنطقة إلى ما قبل الفتح الإسلامى، «أى منطقة مقسمة إلى دويلة فرعونية فى مصر وأخرى آشورية بابلية فى العراق وثالثة آرامية فى سوريا ورابعة فينيقية فى لبنان»، وعلى القمة تقف دولة عبرية، متماسكة مدعومة عسكريا من الولايات المتحدة فى فلسطين.