السياسة والمعاناة الشخصية مشاهد ساخرة في عروض محمد عامر
رام الله – بديعة زيدان
لاقت عروض الكوميدي الفلسطيني - الأميركي محمد عامر رواجاً جماهيرياً
واسعاً في الأراضي الفلسطينية، بعد جولة نظمتها القنصلية الأميركية العامة
في القدس، وخصوصاً بعد أيام على ظهوره في «البرنامج» مع الكوميدي السياسي
الساخر والإعلامي المصري باسم يوسف على شاشة «سي بي سي» المصرية.
ولد عامر في الكويت. وحصل على الجنسية الأميركية في عام 2010 بعد 20 سنة
من المحاولات المتواصلة، كما قال في أحد المشاهد التي قدّمها على مسرح
«القصبة» في مدينة رام الله، ومسارح أخرى في القدس ومدن الضفة الغربية. فهو
يستوحي من سيرته الشخصية وتجارب ترحاله ويومياته القاسية، مشاهد واسكتشات
ساخرة مضحكة مبكية، مثل مشهد زيارته قرية أجداده «بورين» (قرب نابلس) حيث
التقى أقاربه للمرة الأولى أو بعد سنوات طويلة.
وقدم عامر خلطة كوميدية تراوحت ما بين السيرة الذاتية والانتقاد السياسي
والاجتماعي لكل من الولايات المتحدة الأميركية وفلسطين والعالم العربي،
بعضها تناول الفلسطينيين والعرب في أميركا ما بعد أحداث 11 أيلول (سبتمبر)،
وبعضها تطرق إلى العلاقات الزوجية، بأسلوب شيق ملأ القاعة بالقهقهات.
بدأ عامر رحلته مع الـ «ستاند أب كوميدي» في سن الرابعة عشرة، واحترفها
بعد ذلك بثلاث سنوات. وعن ذلك يقول: «الحكاية بدأت حين كنت أعاني من حالة
نفسية سيئة في سن الحادية عشرة إثر انتقالي وأسرتي من الكويت حيث ولدت
وترعرعت، إلى أميركا. وذلك بعد احتلال العراق للكويت. فقرر شقيقي الأكبر
اصطحابي إلى عرض كوميدي للفنان الأميركي الشهير بيل كوسبي، كي أموّه عن
نفسي لأن فراق الأهل والأصدقاء أثّر فيّ كثيراً. وهي المرة الأولى التي كنت
أشاهد فيها عرض «ستاند أب كوميدي»... وهناك غيّر بيل كوسبي حياتي كلّها».
وأضاف: «بعد ثلاث سنوات توفي والدي، فازدادت حالتي النفسية سوءاً
وامتنعت عن التوجه إلى المدرسة. بعد فترة غياب طويلة شجّعتني معلمتي على
العودة إلى مقاعد الدراسة بانتظام، بعدما وعدتني بأنها ستدعمني لتقديم عروض
«ستاند أب كوميدي» للطلاب. وكانت تلمس عشقاً وموهبة لديّ في هذا الاتجاه.
ومن هنا كانت البداية، وصرت «مطلوباً» على مستوى المدرسة».
ويرى عامر أن أهم ما يميز الـ «ستاند أب كوميدي» أنه تعبير صادق عن
العقل والقلب في آن واحد: «نحن نعبر عن الواقع وما نراه حقيقة، ولكن بمنظار
مختلف عما يراه الآخرون... كنت مهتماً بتعريف الشعب الأميركي، وعبر هذا
الفن المفضل لديه، بقضايا العرب والمسلمين وهمومهم وثقافتهم، من دون الحديث
المباشر في السياسة. وذلك محاولة مني لتغيير الصورة النمطية لديهم عنا،
بخاصة في ظل الفجوة والانشطار ما بين المسلمين والشعب الأميركي بعد أحداث
11 أيلول».
ومن أبرز المشاهد الكوميدية في عرض عامر، ما قدمه في «البرنامج» مع باسم
يوســف وأعاد تقديمــه في الجــولة الفلســطينية، ذلك الذي يتناول معاناته
في الحصول على الجنسية الأميركية، وكيف استغرقه الأمر نحو 20 سنة، وكيف
كان اسمه «محمد» عائقاً في ذلك. وحكاية شقيقه الطيار عمر، وشقيقه الآخر
عامر المتخــصص في الكيمياء البيولوجية، واقتحام الـ «أف بي آي» منزلهــم
في الولايات المــتحدة... وكيف حاول تهريب ابن شقيقه أسامة لدى حصول
الاقتحام إلى متجر كبير. وشدّد خلال العرض على أنه سيبقى فلسطيني العقل
والقلب والروح، بصرف النظر عن أي ظروف.