- الجمعية السعودية للسرطان: في عام 2013م سجلت إصابة 13000 سعودي وسعودية بالسرطان.- السجائر والشيشة والتلوث البيئي وكثرة الوجبات السريعة والأغذية المصنعة والخمول من أهم عوامل الإصابة.- تزايد أورام المخ وسرطان الثدي والقولون والغدد هاجس يؤرق المجتمع. - تشخيص وعلاج المصابين يكلف سنوياً 900 مليون ريال ومبيعات الأدوية تتجاوز ملياري ريال في العام الواحد.شقران الرشيدي- سبق- الرياض: أصبح سرطان الثدي والقولون والغدد اليمفاوية، والأورام المختلفة التي تصيب المواطنين والمقيمين، هاجساً يؤرق المجتمع السعودي، بعد أن سجلت المراكز البحثية والمستشفيات والجمعيات المعنية ارتفاعاً كبيراً في معدلات الإصابة في الفترة الأخيرة، ما يطرح الكثير من التساؤلات عن مسببات ارتفاع الإصابة بهذه الأمراض "الخبيثة".
تشير بعض الدراسات الدولية إلى أن معظم الأمراض السرطانية المنتشرة في العالم تكون إما بسبب الغذاء أو العادات الغذائية السيئة، والمواد الملوثة بالمنتجات الصناعية، كالنكهات الصناعية والألوان، والمواد الحافظة، أو المواد الغذائية المليئة بالمنتجات المسرطنة مثل رقائق البطاطس والسجائر، إلى جانب الأطعمة المشوية على الأسطح السوداء، وطرق الطبخ الخاطئة، وتلوث البيئة الطبيعية.
وفي السعودية تشير الإحصاءات الرسمية إلى أن الإصابة بالسرطان في السعودية تتجاوز 12 ألف مصاب سنوياً، وتتفق الجمعية السعودية للسرطان مع هذا الرقم مؤكدة أنه في العام الحالي 2013م سُجلت إصابة 13000 سعودي وسعودية بالسرطان، شاملة جميع أنواع السرطانات، مشيرة إلى أن هذا الرقم سيتضاعف خلال الـ 10 سنوات المقبلة ليصل إلى 30 ألف مصاب. أما في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث فيعالج بشكل سنوي أكثر من 2800 مصاب بالسرطان؛ في حين تؤكد وزارة الصحة أن الأرقام العالية والإصابات بالسرطان المستمرة تعود لتزايد أعداد المواطنين والمقيمين المدخنين للسجائر والشيشة، وتزايد معدلات التلوث البيئي، وكثرة استهلاك الوجبات السريعة، وانتشار الأغذية المصنعة، والخمول البدني.
وفي هذا الجانب يقول لـ "
سبق" استشاري أمراض الدم والأورام الدكتور عبد الكريم المؤمنة: "الوضع مقلق، والأورام السرطانية الخطيرة التي انتشرت مؤخراً في المجتمع يتداخل معها موضوع تسمم الدم بالمعادن، فهما مرتبطان معاً بشكل كبير؛ فالكثير من المعادن كالحديد والألمنيوم والزئبق والكادميوم والزرنيخ، والباريوم تؤدي إلى الإصابة بالسرطان، لدخولها في الطعام، خاصة سرطان الرئة والدم، أما الأورام الخطيرة الأخرى فتنتشر في السعودية وغيرها من البلدان بنسب معروفة. ويؤكد أن في السابق كان أكثر المصابين بالسرطان من كبار السن من الرجال والنساء، وفي الآونة الأخيرة يلاحظ تزايد إصابة صغار السن.
ويشير الدكتور المؤمنة إلى أن التعرض لبعض المواد الضارة كمبيدات الحشرات التي تستخدم في المنازل وفي المزارع، أو التعرض للأبخرة التي تتصاعد من المصانع، خصوصاً مصانع الأصباغ، ومصانع الإطارات، وحتى مصانع البتروكيماويات، والتعرض لمادة البنزين الذي يستخدم كوقود للسيارات بشكل مستمر، يؤدي إلى فشل في النخاع وقد يؤدي إلى الإصابة بالأمراض الخبيثة.
أما استشاري جراحة المناظير المتطورة الدكتورة هند مازن فتؤكد لـ "سبق" أن من عوامل الإصابة بالسرطان في المجتمع السعودي كثرة استهلاك اللحوم المشوية على الفحم كـ "المظبي والمندي والحنيذ" التي تكثر بها الدهون، وقد تتسبب في الإصابة بسرطان المعدة والقولون، نتيجة تفاعل دهونها المشبعة مع أدخنة الفحم المشتعل. مشيرة إلى أن السمنة وانخفاض النشاط البدني، وزيادة معدلات التدخين، وزيادة التلوث في المدن، والعامل الوراثي كلها تلعب دوراً مهماً في تزايد الحالات في السعودية. وكذلك انتشار المقاهي الرجالية والنسائية التي تقدم الشيشة و"المعسلات" بأنواعها المختلفة. موضحة أن ما نسبته 80% من الحالات المصابة بالسرطان التي تصل المستشفيات والمراكز الطبية المتخصصة تكون في مراحل متأخرة يصعب علاجها. مشيرة إلى أن نسبة السعوديات اللواتي يتم اكتشاف إصابتهن بالسرطان مبكراً تبلغ 60%، فيما تبلغ في الغرب 17% فقط، في حين تبلغ نسبة الشفاء من السرطان في الغرب 90% وتنخفض في المملكة إلى 66%، والسبب الرئيس في ذلك تأخر تشخيص سرطان الثدي في السعودي لأن كثيراً من النساء يحجمن عن التقدم للفحص المبكر لأسباب اجتماعية والخجل.
مؤكدة أن نسبة نمو المرض في السعودية تزيد ثلاثة أضعاف عن نسبة النمو العالمية. وأنه ينفق سنوياً نحو 900 مليون ريال على التشخيص والعلاج لمثل هذه الحالات, في حين يبلغ حجم مبيعات أدوية السرطان بكافة أنواعه ما يقارب ملياري ريال في العام الواحد.
وعن معاناة المصابين بالسرطان، وكيف يعيشون حياتهم يقول محمد صلاح الدين أن أخاه -رحمه الله- أصيب بسرطان الرئة نتيجة التدخين الشره للسجائر، وقد تم نقله للعلاج في عدة مستشفيات حكومية وخاصة، لكن باءت المحاولات بالفشل لأن الأورام كانت في مراحل متأخرة وخبيثة في الرئتين.
موضحاً أن أخاه أصيب بهزال شديد في سنة واحدة، وتساقط شعر رأسه، وكان يسعل بشكل مستمر لم تفد معه الأدوية ولا الكيماوي، حتى توفاه الله برحمته".
وفي السياق ذاته يقول خالد العضياني: "الحمد لله شفيت من سرطان الكبد بعد أن أخذت في وقت مبكر جرعات كيماوي على فترات متباعدة، والوضع الصحي الحالي جيد لكنني لا أعرف كيف أصبت بالسرطان، والخوف أن يعود لي مرة أخرى". مضيفاً أن "الناس في غفلة من السرطان المنتشر بينهم بسبب أكل المطاعم والزيوت المكررة، وكثرة تعاطي الكحول، والتدخين".
وكانت الجمعية السعودية الخيرية لأمراض السرطان قد ذكرت أن هناك تغيرات في المجتمع السعودي، بيئية وصحية واجتماعية وغذائية، ومن آثار حرب الخليج السابقة التي استخدم فيها "اليورانيوم" بكثافة، وهذه العوامل مجتمعة ساعدت في انتشار السرطان في السعودية.
ومن جانبها، تشير جمعية العناية بمرضى السرطان إلى أن نسبة استهلاك التدخين في المنطقة الشرقية على سبيل المثال أكثر منها في المناطق الأخرى؛ إضافة للتلوث البيئي وأبخرة المصانع البترولية والبتروكيميائية الموجودة في المنطقة، ورطوبة الجو التي تحتجز الكثير من التلوث الجوي، وتبقيه في الطبقات السفلى من الهواء ما يجعله متاحاً للتنفس، وبالتالي رفعت نسبة الإصابة بسرطان الرئة في المنطقة. وأوضحت أن من أسباب ارتفاع الإصابة بسرطان المريء في منطقة القصيم تلوث مياه الآبار هناك بالمعادن، وأن ارتفاع الإصابة بسرطان الفم في جازان بسبب تعاطي التبغ بمكوناته المختلفة. وأن ارتفاع نسبة الإصابة بسرطان الدم في الحدود الشرقية الشمالية بسبب بقايا قذائف "اليوارنيوم" المستخدمة في حرب الخليج.
تجدر الإشارة إلى أن الجمعية السعودية الخيرية لمكافحة السرطان قد أطلقت الرقم (5070) تحت شعار (رسالتك أملي) لتصبح قناة دعم جديدة تصب في صالح مساعدة مرضى السرطان مادياً في السعودية، وتم توحيد هذا الرقم في كافة شركات الاتصالات السعودية بهدف تمكين المشتركين والمشتركات من التبرع للمصابين.
أما جمعية زهرة لسرطان الثدي فتقدم خدمة الفحص والكشف المبكر لسرطان الثدي، بالإضافة إلى دورها التثقيفي والتوعوي حول هذا المرض، وإقامة دورات وأنشطة مختلفة وتوزيع المنشورات التثقيفية، كما أنها تستقبل النساء مجاناً للكشف بأجهزة حديثة بالوسائل التشخيصية.