شاءت الأقدار أن يلتقي الأحفاد بعد 90 عاماً من اختفاء جدتهم اليتيمة التي تولى أمرها أحد فاعلي الخير من المعروفين داخل الطائف، وذلك بعدما سمع الأحفاد عن جدتهم من والدهم؛ مما دفعهم لبذل الجهود وتكبُّد عناء البحث عنها حتى علموا أن أبناء جدتهم يعيشون في محافظة جدة، وهُناك التقت الأسرة وتمازجت السعادة مع الحُزن بعد مرور كل هذه السنوات، وكان لسان حالهم يقول: مصير الحي يتلاقى.
بدأت القصة في قرية مقسى بلحارث جنوب محافظة الطائف، عندما ذهب أحد رجال القرية بطفلة صغيرة "يتيمة" الأب والأم تبلغ من العمر وقتها خمس سنوات، متوجهاً بها إلى الطائف، وكان ذلك قبل حوالي 90 عاماً، حيث سلمها لفاعل خير مشهور في الطائف عُرف عنه كفالته للأيتام.
وبقيت الطفلة في القرية بمُفردها، ولم تعلم عنها شقيقتها شيئاً بعدما تزوجت، وتكفل بها فاعل الخير، وبقيت عنده وفقاً لورقة تم تسجيلها عليه، ولم يسمع عنها أحد من أقاربها شيئاً بعد ذلك.
وتولى فاعل الخير رعايتها حتى تزوجت من أحد الأشخاص، وحين كان زوجها يسألها: "من أين أنت ومن أنت؟" كان ردها عليه: "أنا كنت في مكان ليس به أسفلت وبعيد وكثير الأشواك، وأعتقد أنه خارج السعودية".
وبعد مرور سنوات طوال، بدأ أحفاد شقيقة تلك الطفلة- التي كبرت وتزوجت- يبحثون عنها وعن أبنائها أو أحفادها، وانتهت تلك المُعاناة عندما وردت أنباء لهم بأنهم يعيشون في محافظة جدة، وذلك بمُساعدة أحد أقاربهم.
وانتهت رحلة البحث بالعثور على أربعة من الأبناء، أصغرهم يبلغ من العمر 40 عاماً، وهُم ينتسبون لعائلة معروفة في جدة، وتأكدوا بأنهم أبناء وأحفاد جدتهم، وأخبروهم بأنها توفيت قبل 28 عاماً، فيما توفي والدهم "زوجها" قبل 10سنوات، وأطلعوهم على أوراق تُثبت زواج والدهم من جدتهم عندما كان عمرها 17 عاماً من الموكل "فاعل الخير" الذي تولى كفالتها.
وتلاقى الأحفاد وأسرهم بعد 90 عاماً من البحث والعناء وسط أجواء يخيم عليها الحزن، خصوصاً عندما علم الأحفاد القادمون من الطائف بوفاة جدتهم.
وعبر أحد الأحفاد "ثامر بن دخيل الله الحارثي" عن فرحه وسعادته الغامرة بالتقاء الأبناء والأحفاد مع بعضهما، وأفاد بأن ذلك من خيرات شهر رمضان المبارك، مؤكداً أن عيدهم هذه السنة عيدان، مشيراً إلى أنهم سيحتفلون بتلك المُناسبة التي وصفها بالعظيمة والتاريخية بحضور الكثير من الأقارب.