شبح الحرب السورية يهدد اقتصادي لبنان والأردن
بيروت - رويترز
قال عبد الله الدردري النائب السابق لرئيس الوزراء السوري إن التداعيات الاقتصادية المدمرة للحرب الدائرة في سورية قد تدفع اقتصادي لبنان والأردن المجاورين إلى التراجع.
وفي معرض إشارته للتباطؤ الحاد الذي يشهده النمو الاقتصادي اللبناني منذ بداية الصراع في سورية عام 2011 لينخفض من سبعة بالمئة إلى اثنين بالمئة فقط قال الدردري إن هناك صلة مباشرة تربط بين هذا التباطؤ والانهيار الاقتصادي الذي يشتد أكثر من أي وقت مضى في سورية.
وأضاف أن النمو الاقتصادي الأردني ظل أكثر استقرارا ليتراوح بين اثنين وثلاثة بالمئة ولكنه لا يزال متأثرا بالاضطرابات السورية ودون المستوى اللازم لتوفير فرص عمل كافية لسكان المملكة الذين يزداد عددهم سريعا.
وقال الدردري الذي يشغل حاليا منصب كبير الاقتصاديين في لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (إسكوا) إن الصراع السوري "يسبب زعزعة شديدة للاستقرار."
وأضاف "من مصلحة المنطقة كلها أن تستعيد سورية السلام والهدوء وتبدأ في إعادة البناء."
وأشار الدردري إلى أن الاقتصاد السوري انكمش بالفعل بما يتراوح بين 35 و40 بالمئة وسيتهاوى 60 بالمئة عن مستواه في بداية الانتفاضة اذا استمر القتال.
وقال إن كل نقطة مئوية من التباطؤ الاقتصادي في سورية يقابلها 0.2 نقطة مئوية من التباطؤ في لبنان.
وقال لرويترز في مقابلة بمقر الأمم المتحدة وسط بيروت إنه في حال استمرار الاقتصادي السوري في الانهيار "يمكننا أن نتحدث عن نمو سلبي في لبنان والأردن إذا استمر الوضع في سورية على ما هو عليه اليوم خلال العامين المقبلين."
وكان الرئيس السوري بشار الأسد أقال الدردري من منصب نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية في تعديل وزاري أجري بعد فترة قصيرة من اندلاع الانتفاضة. ويعمل الدردري منذ ذلك الحين في الأمم المتحدة حيث يعكف على إعداد خطط لإعادة إعمار سورية بعد انتهاء الحرب.
ويقول خبراء اقتصاد في لبنان إن هناك عوامل محلية أيضا ساهمت في التباطؤ الاقتصادي للبلاد ومن بينها حالة الغموض السياسي التي أعقبت الإطاحة بحكومة رئيس الوزراء الأسبق سعد الحريري في أوائل عام 2011.
غير أن الدردري قال إن الأزمة السورية تضر بالسياحة والتجارة ومساعدات التنمية القادمة من الدول الخليجية الغنية بالنفط بل وبمستويات التحويلات التي تصل إلى لبنان من مواطنيها المقيمين في الخارج وهم كثيرون ويشعرون بالقلق تجاه الوضع الأمني في بلادهم.
وربما تسببت العمالة السورية الرخيصة الوافدة إلى لبنان أيضا في خفض متوسط الرواتب 14 بالمئة نظرا لزيادة المعروض من العمالة بين مئات الآلاف من اللاجئين والعمال الوافدين إلى بلد يقطنه أربعة ملايين نسمة فقط.
وفي حديثه خلال مؤتمر صحفي عقد في بيروت اليوم الخميس اتفق رياض سلامة محافظ مصرف لبنان (المركزي) مع الرأي القائل بأن الصراع السوري يؤثر سلبا على أداء لبنان ولكنه أكد توقعاته بنمو الاقتصاد اثنين بالمئة هذا العام.
وقال الدردري إن التأثير على الأردن سيكون أقل قليلا لأن اقتصاده أقل ارتباطا بالاقتصاد السوري.
وأضاف "رغم ذلك يمكنك أن ترى في السنوات الخمس إلى العشر الماضية أن سورية والأردن حسنتا كثيرا من علاقاتهما التجارية واستثماراتهما الثنائية ولديهما خطط ضخمة بشأن المزيد من التكامل.... ذلك كله قد توقف الآن."
وكانت توقعات الدردري أكثر تشاؤما من صندوق النقد الدولي الذي قال في مارس آذار إنه يتوقع تسارع نمو الاقتصاد الأردني فوق ثلاثة بالمئة مما يعكس زيادة في الإنفاق الرأسمالي الحكومي وارتفاع معدل الاستهلاك المحلي وانتعاش الصادرات.
ورغم ذلك قال الدردري إن سورية تواجه تحديات لا يمكن تخيلها حتى وإن توقف القتال غدا وقدر التكلفة الاقتصادية بما يتراوح بين 70 مليارا دولار و80 مليارا من بينها 28 مليار دولار لإعادة بناء 1.2 مليون منزل وإمدادها بالبنية التحتية اللازمة.
وقال النائب السابق لرئيس الوزراء إن بلاده ستحتاج إلى 30 مليون طن من الأسمنت سنويا أي ما يزيد ثلاثة مرات عن احتياجاتها قبل الأزمة لترميم المنازل المتضررة وتلبية الاحتياجات اللازمة لبناء الوحدات السكنية الجديدة.
وأضاف "تتطلب 30 مليون طن من الأسمنت ما يزيد على مليار متر مكعب من المياه. ونحن لا نمتلك هذا القدر الكبير من المياه."
وأشار إلى أن استمرار القتال ينذر بكارثة أكبر تتضمن ارتفاع البطالة والفقر المدقع إلى مستويات مروعة.
وقال "إذا استمر القتال على مدار الأعوام القليلة المقبلة فسيتعين علينا النظر إليها على أنها منطقة كوارث وليست اقتصادا طبيعيا يسير وفق العوامل الاقتصادية مثلما عهدنا."