أحد أقمار «المشتري» قد يكون مكاناً صالحا للحياة
بوسطن - ا ف ب (خدمة دنيا)
في إطار البحث الذي يقوم به البشر عن حياة خارج كوكب الأرض ضمن المجموعة الشمسية، يبدو أحد أقمار المشتري «أوروبا» واعداً في هذا المجال أكثر من كوكب المريخ، إذ يوجد على سطحه محيط من الماء فيما سطح الكوكب الأحمر اليوم عبارة عن صحراء قاحلة.
إلا أن القيود المالية تدفع وكالة الفضاء الأميركية على تركيز بحثها على سطح المريخ القريب نسبياً، حيث حط الروبوت كوريوستي منذ آب/أغسطس الماضي ليبحث عن أي أثر محتمل لحياة سابقة، وذلك لعدم توافر الإمكانيات المالية لسبر غور النظام الشمسي وصولاً إلى أحد أقمار كوكب المشتري البعيد.
ويقول عالم الفضاء روبرت بابالاردو وهو المسؤول العلمي في «جيت بروبالشن لابوراتوري» التابع لوكالة الفضاء الأميركية ناسا: «خارج كوكب الأرض، يبدو أن قمر أوروبا هو الجرم الوحيد في مجموعتنا الشمسية حيث يحتمل أن تكون هناك حياة اليوم..وعلينا أن نستكشفه».
ويضيف: «قمر أوروبا تكسوه طبقة رقيقة من الجليد، ويوجد على سطحه محيط سائل تحت الجليد، على تماس مع صخور عميقة، وهو ناشط جيولوجياً وتغزوه اشعاعات من شأنها أن تولد مواد مؤكسدة، وهذه المواد المؤكسدة إذا اختلطت بالماء ينتج عنها طاقة مثالية لتشكيل حياة».
وبناء على طلب من وكالة الفضاء الأميركية، جرت مراجعة المهمة المقترحة لاستكشاف قمر أوروبا، بغية تخفيض التكاليف، بحسب ما أوضح عالم الفضاء روبرت بابالاردو للصحافيين على هامش المؤتمر السنوي للجمعية الأميركية لتقدم العلوم (آي آي آي أس)، المنعقد بين 14 و18 شباط/فبراير في بوسطن شمال شرق الولايات المتحدة.
وقام مختبر «جيت بروبالشن لابوراتوري» التابع لناسا بالتعاون مع مختبر الفيزياء الفضائية في جامعة جون هوبكنز بوضع مشروع جديد لاستكاشف قمر المشتري هذا، وأطلق على المشروع اسم «كليبر»، وتصل كلفته إلى ملياري دولار، دون احتساب تكاليف إطلاق المركبة.
وبحسب هذا المشروع، فإن المركبة الفضائية ستدخل في مدار المشتري، وستحلق على مقربة من قمر أوروبا على غرار ما نفذه المسبار «كاسيني» مع القمر تيتان، أحد أقمار كوكب زحل.
ويقول روبرت بابالاردو: «بهذه الطريقة يمكننا أن نغطي كل مساحة القمر أوروبا، بنصف التكلفة».
وفي حال الموافقة على هذا المشروع، يمكن أن تنطلق المهمة قرابة العام 2021 وقد تستغرق بين ثلاث سنوات وست سنوات حتى تصل المركبة إلى جوار القمر أوروبا.
وعلى سبيل المقاربة، فإن الرحلة إلى المريخ لم تستغرق أكثر من ستة أشهر.
إلا أن وكالة الفضاء الأميركية أشارت في آخر العام 2012 إلى عدم توفر ميزانية لمهمة كليبر، في ظل سياسة عصر النفقات.
لكنها أعلنت في آخر كانون الأول/ديسمبر أنها سترسل روبوتاً آخر إلى سطح المريخ على غرار الروبوت كوريوسيتي، وذلك في العام 2020، وهو مشروع يكلف 2,5 مليار دولار.
وحط كورويوسيتي على سطح المريخ في آب/اغسطس الماضي في مهمة تستغرق سنتين وترمي إلى البحث عن أي أثر لوجود حياة سابقة على سطح الكوكب الأحمر.
وبحسب جدول مشاريع وكالة ناسا، فإن الولايات المتحدة لن تمتلك مسبارات أو مركبات فضائية بعيداً في أعماق المجموعة الشمسية بعد العام 2017، إذ أن مسبارها جونو سيصل إلى مدار المشتري في العام 2016 لينهي مهمته بعد عام ويسقط ويتحطم على سطح هذا الكوكب الأضخم في المجموعة الشمسية.
لكن ناسا يمكنها أن تشارك في المهمة التي تعتزم وكالة الفضاء الأوروبية إطلاقها باتجاه المشتري وأقماره. وأطلق على هذه المهمة اسم «جوبيتر آيسي مون اكسبلورر»، وهي تفترض وصول مسبارها إلى هناك بحلول العام 2030.
ويعتبر روبرت بابالاردو اأه يتوجب على وكالة ناسا، إضافة إلى تركيزها على كوكب المريخ، أن تستكشف مناطق أخرى تمثل أهمية علمية كبرى.
ويقول: »من الأسئلة الأساسية التي تطرح: هل هناك حياة خارج المجموعة الشمسية؟».
ويقول أيضاً: «قد نتوصل إلى حقيقة وهي أن المريخ كان عامراً بالحياة قبل مليارات السنين، ولكن القمر أوروبا قد يكون ملائماً الآن للحياة».
وتقول عالمة الفضاء أماندا هندريكس من معهد دراسات الكواكب في أريزونا: «إذا تبين أن القمر أوروبا هو المكان الأمثل للحياة في المجموعة الشمسية بعد كوكب الأرض، فإن القمر انسلاند أحد أقمار كوكب زحل يأتي في المرتبة التالية مباشرة».
وتضيف: «يوجد على سطح هذا القمر محيط من المياه السائلة تحت طبقة من الجليد، وهو ناشط جيولوجيا، ولديه مصدر حرارة في القطب الجنوبي».
وكان القمر أوروبا اكتشف للمرة الأولى في العام 1979، عندما رصدته مركبات الفضاء الأميركية «فويجر1» و«فويجر2» التي انطلقت من الأرض قبل 35 عاماً ووصلت الآن إلى حدود النظام الشمسي.
وفي التسعينات تمكن المرصد غاليليو من الكشف عن تفاصيل إضافية لهذا القمر.