إبراموفيتش... سحابة أغاثت «البلوز» وأكرمت الجميع بـ «الرحيل»
الرياض - إبراهيم الحمدان
كان يوماً بمثابة سحابة أحيا غيثها كل من تلون قلبه بألوان تشلسي، بعد
أن طالت معاناة أرض «البلوز» من الجفاف، الروسي رومان إبراموفيتش جاء
مالكاً للنادي «اللندني»، فغيّر المفاهيم في الكرة الإنكليزية، قبل أن يحرك
سوق الانتقالات في أوروبا وربما في العالم بأكمله «كما يشاء»، فجلب هذا،
وانتدب ذاك، وأغرى أولئك، وكم من موهبة أخرى تمنّت ارتداء القميص «الأزرق»
في عهد الثري الروسي.
إبراموفيتش الذي يحترف اسثتمار الحديد الصلب، صنع فريقاً «حديدياً»،
وبدّل ثقافة كل ما هو «تشلسي»، فحوّل الفريق الذي وقف في أيام مضت متفرجاً
دوماً على من جاوره ومن نافسه وهم يعانقون الذهب من دون حول ولا قوة، إلى
فرقة نجوم صلبة، قلبت المشهد رأساً على عقب، فلم تترك فرصة إلا واقتنصتها،
ولا فريقاً إلا وثأرت منه.
وبعد غياب عن بطولة الدوري بلغت مدته «نصف قرن»، لم يعرف خلاله عشاق
تشلسي لذة توشّح لقب «البريمييرليغ» إلا في كنف إبراموفيتش، ولم يتطاولوا
على قارة أوروبا ويتوجون بلقبها الأول إلا بصحبة «إمبراطور النفط» الروسي.
لكن الوضع اليوم اختلف، فلم يعد صاحب الـ21 بليون دولار مسيطراً على
فريقه وهو يتأرجح على حافة تلة «الأموال»، فاتخاذ القرار قاسياً كان أم
حكيماً، ليس أمراً لا يتطلب تفكيراً عميقاً عند مالك «البلوز»، فهو يعي أنه
أغنى روسي على وجه الأرض، ويقف ثانياً في قائمة أغنى قاطني بريطانيا،
فماذا يعني أن يفشل في صفقة انتقال أنفق على إثرها 50 مليون يورو كما حدث
مع الإسباني فرناندو توريس؟ وأين المعضلة في عجز آخر سبقه، كلّف ميزانيته
مبلغاً لم يتجاوز حاجز الـ40 مليون يورو، كما حدث مع الأوكراني شفشينكو؟ بل
إن القرارات تحولت إلى فيضان يبتلع كل شيء في لحظة، ويعيد الأمور إلى نقطة
الصفر في غمضة عين.
لن يضر سرد قصة «جنود المرحلة التاريخية» بطريقة مبعثرة مثل بواش،
وشيفشنكو، ومن قبلهم سكولاري، وبعدهم دي ماتيو، وبصحبتهم أنيشلوتي
وكارفاليو، وأشهرهم مورينيو وديديه دروغبا، فكلها نجوم لامعة مرّت على سماء
«البلوز» مرور «العظماء» على البيت الأزرق، لكنهم رحلوا رحيل «الكرام»،
على رغم تركهم لبصمة تاريخية يعجز عن محوها الزمان، إلا أن رؤية إبراموفيتش
لاتتوقف عند نقطة معينة، فهو سيغير متى شاء، وسيجلب من أراد، وسيقوم بما
يفكر به، هو صاحب الشأن، وصانع القرار، فحتى لامبارد النجم الأول في الفريق
حالياً مهدد بالمغادرة، ولن يكون ذا حظ مختلف مع الروسي، وربما تتغير وجهة
منطقه اليوم وهو يشاهد فريقه المدجج بلاعبين يصل مجموع عقودهم إلى 300
مليون يورو يودع دوري أبطال أوروبا من الدور الأول، ويقدم أداءً غير مرضٍ
للجماهير في «البريمييرليغ».