ريتا معلوف: الإعلام السوري ذراع متطرف للنظام
أبو ظبي - «الحياة»
بدأ كثر من من الإعلاميين السوريين حياتهم المهنية في المنظومة المحلية،
قبل أن ينتقل المميّزون -او المحظوظون- منهم للعمل في الوسائل الإعلامية
العربية والعالمية، ليصبحوا نجوماً. وفي ظل غياب الإعلام الخاص عن الشارع
السوري لسنوات، ثم حضوره بشكل متواضع أخيراً، فإن معظم هؤلاء النجوم عملوا
في المنظومة الحكومية للإعلام، فعايشوا تقلبات الإعلام السوري على مختلف
المستويات.
من بين هؤلاء الإعلامية السورية ريتا معلوف المذيعة في قناة «سكاي نيوز
عربية»، والتي عملت في الإعلام السوري بشقيه الحكومي والخاص قبل أن تنتقل
للعمل في قناة «فرانس 24»، ولتستقر أخيراً في «سكاي نيوز». «الحياة» التقت
معلوف، التي وصفت الإعلام الرسمي السوري بالناطق باسم الحكومة، لتضيف: «كان
لدي تجربتان في الإعلام المرئي السوري، الأولى في قناة «شام» التي كان
يعول عليها كثير من السوريين كأول قناة خاصة، لكنها أغلقت، والثانية عبر
التلفزيون الرسمي السوري.
وبما أن الإعلام السوري المرئي منذ نشأته قبل أكثر من خمسين عاماً كان
محصوراً بالتلفزيون الرسمي، كانت فرصة العمل محصورة فيه، إلى أن افتتحت
قناة «الدنيا» وبعدها «الإخبارية». في أثناء ذلك استمرت تجربتي في
التلفزيون السوري لعامين غادرت بعدهما إلى فرنسا. في دمشق كنت قارئة أخبار
كسائر قارئي الأخبار في التلفزيونات الرسمية العربية، وتيقنت من خلال
تجربتي أن المنظومة الإعلامية السورية هي مجرد لسان للدولة وناقلة لأخبارها
المحلية والدولية المتعلقة بالزيارات الرسمية وما شابه، وهذه هي الوظيفة
الرئيسة للتلفزيونات الرسمية في العالم العربي».
باحثون عن الأمانوحول التلفزيون الرسمي السوري وأدائه في ظل الأزمة الحالية ومدى
مصداقيته، تتابع ريتا معلوف قائلة: «أعتقد أن التلفزيون السوري اختلف
كثيراً منذ بدء الإحداث في سوريا، ولا يمكن تقييم مصداقيته بالمعنى المهني
الإعلامي، فهو كما ذكرت مجرد ناطق رسمي، ومواقفه ترجمة حرفية لمواقف
الدولة. في السابق كنا نتعرض لنقد -»محق» من وجهة نظري- يأتي من المشاهدين،
على قلتهم، في ذلك الوقت لهذا السبب.. وبعد بدء الأحداث أصبح له جمهور «من
المؤيدين» يصدقه في كل شيء بما لا يقبل الشك. وتفسير ذلك أن كثر من الناس
يميلون الآن الى تصديق الرواية التي تُشعرهم بشيء من الأمان أو التي تطابق
وجهات نظرهم» .
وترى معلوف أن الإعلام السوري ككل «ليس أكثر من ذراع إعلامي متطرف
للنظام وأجهزته الأمنية، وإن كان يخصص مساحات لمهاجمة الإعلام العربي
والدولي، فإنه من أكثر العوامل تحريضاً في المشهد السوري»، وتضيف: «تخيّل
أن تعرض جثث السوريين بأبشع اللقطات من دون أي حرمة للموتى أو لأهاليهم ثم
يوصفون بأنهم رجال عصابات قتلوا بعملية نوعية، أو أن يتم انتزاع اعترافات
من جرحى ومحتضرين عوضاً عن إسعافهم، إضافة إلى حملات التخوين التي طاولت
فئات عديدة من المجتمع السوري. أنا في أحيان كثيرة كنت لا أصدق أن بعض
الأمور تبثّ فعلاً على الهواء، وكنت أقول إنها لا بد مزحة، أو مقطع من
مسلسل كوميدي! ولكن يتبين في ما بعد أنها برامج وتقارير حقيقية في سياق
جاد».
أما عن الإعلام المعارض، فتقول معلوف في حديثها: «لم تسنح لي الفرصة
لمشاهدة كل المحطات، ولكن مما تابعته، أرى أن إعلام المعارضة ليس أفضل
-بالمعنى المهني للكلمة- من إعلام النظام. وبما أنه إعلام مضاد، أصبح مرآة
لإعلام رسمي مضاد في بعض الأحيان، ولكن الخطورة الحقيقية تأتي من قنوات
الفتاوى المعارضة التي تستغل الدين في السياسة، فأنا أرى أنها خطر حقيقي
على المجتمع بكل مكوناته».
وحول تغطية «سكاي نيوز عربية» للأزمة السورية، ترى ريتا معلوف أنها
«أكثر القنوات التزاماً بالحياد»، وتشرح سبب ذلك: «إن المبدأ عندنا يقوم
على أن نسمع وجهة النظر كاملة لكل الضيوف من دون مقاطعة، مع أن هذا صعب
أحياناً، لأن الضيف قد يقدّم معلومة خاطئة أو غير مفهومة أو مهينة لطرف ما.
وهنا تستوجب المقاطعة للتوضيح فقط». كما أرى أن «سكاي نيوز عربية» حريصة
على التوازن في استضافة موالين ومعارضين في كل فترة إخبارية مرة على الأقل.
إضافة إلى الزملاء المراسلين في المناطق الأكثر توتراً، الذين يوافونا
بتقارير صحفية ذات طابع إنساني».
كيف يكون الحيادوعن موفقها الشخصي من الأحداث ومدى انعكاسه في عملها، تقول ريتا: «من
غير المسموح، وأنا أصلاً لا أسمح لنفسي أن أعكس موقفي في عملي، فمشاهدو
القناة ينتمون الى كل الأطياف ويجب احترام المُشاهد والضيف مهما كان
الاختلاف كبيراً. وعندما تلام من الطرفين فاعلم أنك تعمل بحياد. أما موقفي
الشخصي كمواطنة سورية، فانا أرى أنه كان في إمكان النظام تدارك الأمور منذ
البداية ولكنه لم يفعل. فالسلطة في النهاية هي المسؤولة عن حماية أمن
المواطنين وكرامتهم. ما نحن فيه اليوم بكل تشعباته وصراعاته هو نتيجة، ولا
يمكن النظر إليها في معزل عن الأسباب. في الوقت نفسه أنظر إلى المعارضة
أنها ساهمت إلى حد كبير في تدهور الوضع، من خلال الانقسام وتضارب الرؤى،
باستثناء أسماء قليلة طبعاً. وأنا مع أي حل يوقف القتل فوراً ويعيد
اللاجئين إلى وطنهم وبيوتهم حتى نبدأ بإعادة الإعمار والنهوض بسوريا لكل
السوريين..».
وأخيراً في سؤال عن ردها عن الصفات التي أطلقت عليها من إعلام النظام
و«شبيحته»، اقلها الخيانة، تجيب معلوف: «هذه الشتائم يطلقها المتطرفون. أما
الصفة أو التهمة، التي تضحكني وتؤسفني في الوقت نفسه، في التي تقول عني
«إنني صنيعة النظام».